shalal
المـدير العـام
عدد الرسائل : 1497 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 01/09/2007
| موضوع: ماذا تحتسبوا في العفو عن الناس ؟ الأحد يناير 02, 2011 9:17 pm | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم ماذا تحتسبوا في العفو عن الناس ؟
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم .. اخوتي و أخواتي القراء الكرام .. سلام الله عليكم و رحمته و بركاته ،،
ماذا تحتسبوا في العفو عن الناس ؟
قال الشافعي رحمه الله : قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم *** إن الجواب لباب الشر مفتاح فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب *** نعم وفيه لصون العرض إصلاح إن الأسود لتخشى وهي صامته *** والكلب يحثى ويرمى وهو نباح
في رحلة الحياة ربما تعرضت لإساءات متكررة من بعضهم ..وقد رميت بسهم الكلمة .. أحرقت بشرارة تلك النظرة ... أوذيت في أهلك .. في عرضك ... بل في دينك ! فبعض الناس مبتلي بتصنيف عقائد الناس حسب الأهواء وبأكبر قدر من الجهل المركب !!. .. ممن أتاك الأذى ؟ أمن اليهودي ؟ أم من النصراني ؟ وا حسرتاه ... ويكون الجرح عميقاً بعمق البحار إذا كانت تلك الرمية ممن تتوسموا فيه الخير ! إن جرحكم غائر وينزف بغزارة ... فلا بد أن تفعلوا شيئاً لتوقفوا تلك الدماء ... لتبدئوا من جديد ...
أنظروا من حواليكم لتبدئوا ... قد تفاجئوا بجيوش من البشر تشجعكم على الظلم والبطش ورد الصاع صاعين ، ستشعروا عندها بالقوة والتمكن فالحق معكم ... ولكنك ... تتذكرين قدرة الله عليكم ... فيعظم العفو عندك رجاء عظم الثوب ... فتردديوا : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها " وترفعوا ا يديك بالدعاء للالطيف الخبير ... للسميع القريب ... أن يفرج همكم ، وأن يعفوا عمن ظلمكم ، وعمن تخلى عنكم وهو يملك نصرتكم – سامحهم الله – وتشهديوا الله على عفوكم عن الجميع ابتغاء وجهه الكريم ...
يا لطيف الخصال هذه كلها أمور عادية...أكرر عادية! تفرضها علينا طبيعة التجمع البشري فأنتم تعلميوا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { إن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم في العروق} صحيح البخاري . فلا بد أن توطنوا ا نفسكم على مواجهة مثل هذه المواقف وتحملها .... نعم تحملوها ، أنتم لا تعيشيوا في الدنيا وحدكم ، بل هناك أشخاص كثيرون حولكم تشكلوا معهم مجتمعكم الذي تعيشيوا فيه ، ولا شك أن احتكاككم بالناس سيتولد منه بعض التصادمات ، في الآراء ... في الأخلاق ... في الطباع والعادات .... أو نتيجة سوء فهم منك أو من الطرف الآخر ... أو ربما توضعيوا رغما عنك في موقف تكرهينوا ! وكيفوا نفسكم على التحكم والسيطرة على انفعالاتكم حسب ما يمليه عليكم دينكم ، ثم توجهوا ذلك كله بالعفو .... العفو ... العفو ....
تأكدوا أنكم لن تقدروا على العفو الحقيقي إلا إذا احتسبتم :
1- عمركم كله تدعيوا الله أن يغفر لكم .. لقد أتتكم المغفرة فلا تردوها !... قال الله تعالى:{ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } 2- افعلوا ذلك لوجهه الله ... واقهروا أول أعدائكم الشيطان ... فإن عفوكم عمن أساء إليكم يؤلمه أشد الإيلام لما يترتب على فعلكم هذا من الأجر العظيم جداً ... جداً . قال تعالى : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } . يا إلهي ! ... هل تدركوا معنى { فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}؟ ... إن أجركم لن يأتيكم من وزير ... ولا من أمير ... ولا حتى من ملك مطاع ! بل سيأتيكم من ملك الملوك سبحانه ... فماذا تريدوا أفضل من ذلك ؟! وقد تكفل الله بأجركم وضمنه لكم !...
3- العفو هو طريقكم إلى .. "الحظ العظيم " ... قال الله تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } . أي ادفع السيئة إذا جاءتكم من المسيء بأحسن ما يمكن دفعهاً به الحسنات ومنه مقابلة الإساءة بالإحسان والذنب بالعفو ، والغضب بالصبر ، والإغضاء عن الهفوات ، والاحتمال للمكروهات . وقال مجاهد وعطاء : بالتي هي أحسن : يعني بالسلام إذا لقي من يعاديه ، وقيل بالمصافحة عند التلاقي { فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } هذه هي الفائدة الحاصلة من الدفع بالتي هي أحسن ، والمعنى : انك إذا فعلت ذلك صار العدو كالصديق { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} قال الزجاج : ما يلقى هذه الفعلة وهذه الحالة ، وهي دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على كظم الغيظ واحتمال المكروه { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } في الثواب والخير . وقال قتادة : الحظ العظيم الجنة
4ـ احتسبوا أجر الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، والأنبياء جميعاً في عفو عمن ظلموهم وأساءوا إليهم مع قدرتهم عليهم .. فهؤلاء خيرة البشر يتركون العقوبة لوجه الله ! ... فمن نحن حتى نتعالى عن العفو ونعتبره ذلة ومهانة في حقنا ؟! .. طبعا هذا إذا كان العفو في مكانه المناسب . احتسبيوا بعفوكم عن المسلمين أن تكونو ممن يدرءون بالحسنة السيئة لتنالوا جنات عدن ، قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ {22} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ {23} سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} " { أُوْلَئِكَ } الموصوفين بالصفات المتقدمة { لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } والمراد بالدار الدنيا ، وعقباها الجنة { جَنَّاتُ عَدْنٍ } العدن أصله الإقامة . { وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ } يشمل الآباء والأمهات { وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } أي ويدخلها أزواجهم وذرياتهم ، وذكر الصلاح دليل على أنه لا يدخل الجنة إلا من كان كذلك من قرابات أولئك ، ولا ينفع مجرد كونه من الآباء أو الأزواج أو الذرية بدون صلاح { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ } أي من جميع أبواب المنازل التي يسكنونها . { سَلاَمٌ عَلَيْكُم } أي قائلين سلام عليكم أي سلمتم من الآفات أو دامت لكم السلامة{ بِمَا صَبَرْتُمْ } أي بسبب صبركم { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } جاء سبحانه بهذه الجملة المتضمنة لمدح ما أعطاهم من عقبى الدار المتقدم ذكرها للترغيب والتشويق ". يا عظيم الحظ ... عندما عفوت عن الآخرين قمتم بعبادات كثيرة ... وصلتم ما أمر الله به أن يوصل إن كان من عفوت عنه ذا رحم ... عفوكم علامة على خشيتكم لله وهذه عبادة عظيمة تدل على عبادة الخوف من الله ... كذلك الصبر على الإساءة ... والصبر على العفو نفسه يرفعكم المنازل العالية ... وبهذا أصبحتم ممن يدرءون بالحسنة السيئة وهذه عبادة جليلة فأبشروا وأملي ... 5- إن عفوكم عمن ظلمكم إحسان منكم إلى مسلم ترجوا به إحسان الله إليكم ... قال الله تعالى : { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } ... " ومعاملة الله له من جنس عمله , فإن من عفا عن عباد الله عفا الله عنه " . 6- ألا يفوتكم فضل الله يوم الاثنين والخميس ... قال صلى الله عليه وسلم : ( تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين , ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء , فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا . أنظروا هذين حتى يصطلحا ) رواه مسلم . وأسألكم بالله ما الذي يستحق في هذه الدنيا أن تحرموا انفسكم من مغفرة الله لأجله ؟ !...
7- أن يحبكم الله وهذه من أغلى الأماني ... قال الله تعالى : { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ومن أحبه الله أحبته الملائكة وأحبه الناس ...
8- احتسبوا أن يزيدكم الله عزاً ورفعة , إما في الدنيا وإما في الآخرة أو فيهما معا ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما زاد الله عبدا بعفوا إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " رواه مسلم . وهل هناك أفضل ممن تواضعتم لله فعفتلتم عمن ظلمكم . إن العفو ليشمل التواضع كل التواضع.. فهنيئا لكم العز والرفعة .. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " كل الناس مني في حل " قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : " إنك إن تلقى الله ومظلمتك كما هي ، خير لك من أن تلقاه وقد اقتصصتها "
الآن ... فكروا وبهدوء قبل أن تقرروا عدم العفو !
المصدر كتاب كيف تحتسبي الأجر في حياتك اليومية ؟ تقديم فضيلة الشيخ / د. عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
|
|
| |
|