[58 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد بن الحسين حدثني أحمد بن إسحاق الحضرمي حدثني مطيع الفارسي قال قال لي بعض العباد بحسبك حزنك على طول الحزن فلرب همة جرت سرور الأبد
[ 59 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد حدثني يزيد الحمري قال سمعت أبا عبد الرحمن المغازلي يقول قال لي بعض العباد ما انتفع محزون بنفسه في شيء من أمر الدنيا وذلك أنه إذا سر غلب الحزن السرور
فضل الحزين يوم القيامة
[ 60 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد حدثني يزيد حدثني أبو الوليد العباس بن المؤمل الصوفي قال وقد كان أمر هارون بالمعروف فحبسه دهرا قال أتاني آت في منامي فقال كم للحزين غدا يوم القيامة من فرحة تستوعب طول حزنه في دار الدنيا قال فاستيقظت فزعا فلم ألبث أن فرج الله وأخرجني مما كنت فيه من ذلك الحبس ففرح بذلك أصحابنا وأهلونا قال فأريت في المنام كأن ذلك الآتي قد أتاني فقال بشر المحزونين بطول الفرح غدا عند مليكهم فعلمت والله أن الحزن إنما هو على خير الآخرة لا على الدنيا قال يزيد فكان أبو الوليد إنما هو دهره باكي العين أو يتبع جنازة أو يعود مريضا أو يلتزم الجبان وكان محزونا جدا
حديث داود عليه السلام
[ 61 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد بن علي المقدمي حدثني محمد بن مسلم المدني حدثني السري بن يحيى عن عبد الله بن شوذب قال قال داود النبي صلى الله عليه وسلم أي رب أين ألقاك قال تلقاني عند المنكسرة قلوبهم
[ 62 ] حدثنا عبد الله حدثني أزهر بن مروان البصري ثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال سمعت مالك بن دينار يقول بقدر ما تفرح للدنيا كذلك تخرج حلاوة الآخرة من قلبك
حال المؤمن آناء الليل وأطراف النهار
[ 63 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد بن الحسين حدثني يوسف بن الحكم الرقي قال قال فياض بن محمد بن سنان قال لي مغيث الأسود وكان من خيار موالي بني أمية قال قال لي بدير الخلق ما لي أراك طويل الحزن قال قلت له طالت غيبتي وبعدت شقتي وشق علي السفر جدا قال إنا لله وإنا إليه راجعون لقد ظننت أنك من عمال الله في أرضه قلت وما أنكرت قال ظننت أن حزنك لنفسك فإذا أنت إنما تحزن لغيرك أما علمت أن المريد حزنه عليه جديد آناء الليل وآناء النهار ساعات فرحه عنده ساعات خلله هو وآله هو باك محزون ليس له على الأرض قرار وإنما تراه والها يفر بدينه مشغولا طويل الهم قد علاه بثه همته الآخرة والوصلة إليها يسأل النجاة من شرها ثم قال هاه هاه وأسبل دموعه فلم يزل يبكي حتى غشي عليه
باب ما جاء في الكمد
[ 64 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد بن الحسين حدثني الحسن بن الربيع حدثني محمد بن صبيح قال سألت عمر بن ذر فقلت أيهما أعجب إليك للخائفين طول الكمد أو إسبال الدمعة قال فقال أو ما علمت أنه إذا رق فذرى شفي وسلى وإذا كمد غص فشح فالكمد أعجب إلي لهم
[ 65 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد عن بعض أصحابه قال كان فضيل وسفيان قاعدين فذكر أشياء فجعل فضيل يبكي وسفيان لا يبكي فقيل له في ذلك فقال إذا لم نسبل الدموع كان أكمد للقلب وأبقى ليحزن فيه
هل البكاء مسلاة
[ 66 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد عن يزيد الخمري حدثني بحر أبو يحيى قال سمعت عابدا ببيت المقدس يقول البكاء مسلاة ونفرح وإنما الأمر في احتجاب الكمد والأحزان ثم بكى
[ 67 ] حدثنا عبد الله حدثني بعض أصحابنا عن يوسف بن عبد الصمد عن ثور بن يزيد قال قرأت في بعض الكتب إن المؤمن يحزن حتى ينسى الحزن في قلبه
[ 68 ] حدثنا عبد الله حدثني شيخ يكنى بأبي يعقوب قال قال بعض الحكماء الحزن انكسار القلب فإذا علا الحزن قلبا أبهته وحيره فانهدت منه القوة فسمي الكمد
ما هي نهاية الحزن
[ 69 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد بن الحسين ثنا أحمد بن سهل قال قلت لأبي عتبة الخواص إلى ما ينتهي الحزن قال إلى الكمد قلت مثل أي شيء قال مثل أن تكون دهرك كمدا حزينا مجددا لنفسك مصيبة في إثر مصيبة قال وكان أبو عتبة قد بكى حتى سقطت أشفار عينيه
[ 70 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد حدثني زيد بن موسى قال سألت راهبا فقلت إلى ما ينتهي الحزن فقال إلى الكمد قلت إلى ما ينتهي الكمد قال إلى تلف الأنفس قلت وكيف ذلك قال ينقي الحزن فضول البدن من الورك وغيره حتي يخلق الدرن بجلده وعظمه وتتراكم الأوجاع على القلب بما يهده من دواعي الفكر فينغل القلب عند ذلك ويقرح فإن انظمأ جسا فهذي أي مات وإن اتفقا فهو الداء الذي ليس ينفعه دواء
[ 71 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد بن الحسين عن عبيد الله بن محمد عن أبي قال قال الفضل الرقاشي إذا كمد الحزين فتر وإذا فتر انقطع
[ 72 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد عن محمد بن عبد العزيز بن سليمان قال كانت شعوانة قد كمدت حتى انقطعت عن الصلاة والعبادة فأتاها آت في منامها فقال لها
أذري جفونك أما كنت شاجية
إن النياحة قد تشفي الحزينينا
جدي وقومي وصومي الدهر دائبة
فإنما الدؤب من فعل المطيعينا فأصبحت فأخذت في الترنم والبكاء فسلت وراجعت الدؤب والعمل
[ 73 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد بن الحسين أنه سمع أبا عبد الرحمن العيشي يقول كان يقال إذا بكى الكمد تفرج وإذا تفرد العبد تعبد
[ 74 ] حدثنا عبد الله قال حدثني بعض أصحابنا قال قال بعض الحكماء بكاء الخوف مر وبكاء المحزون حلو
[ 75 ] حدثنا عبد الله قال أخبرني محمد بن الحسين حدثني خالد بن يزيد عن أبي إسحاق الحميسي عن يزيد الرقاشي قال نعم معول الكمد البكاء
حديث العلماء عن الحزن
[ 76 ] حدثنا عبد الله حدثني أبو محمد عن عثمان أبي سعيد البصري قال سئل بعض العلماء عن الحزن أي شيء هو قال هو الأسف فقيل له المحزون يتهنأ بما فيه قال لا قيل ولم ذلك قال لأن المحزون خائف ومن خاف اتقى ومن اتقى حذر ومن حذر حاسب نفسه وسئل عالم آخر عن الحزن ما هو وما موقعه من القلب قال أما موقعه في القلب فهو مخافة أن يقذف وأما ما هو فهم التعظيم لرب العالمين والحياء عنه ثم أرخى عينيه ثم قال لو أن محزونا بكى في أمة لرحم الله تلك الأمة ببكائه وسئل عالم آخر عن المحزونين لأي شيء حزنوا قال حزنوا على أنفسهم وتلهفوا عليها أن لا تكون مطابقة لرب العالمين
[ 77 ] حدثنا عبد الله قال أخبرني محمد بن الحسين حدثني عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال أتينا عابدا مرة فقال العابد إنما البكاء شفاء القلوب وراحتها ولكن ضناها ونكايتها في الحزن والكمد
رجل يبكي لذنبه طول الليل
[ 78 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد بن الحسين قال سمعت أبا جعفر القارىء في جوف الليل يبكي ويقول
ابك لذنبك طول الليل مجتهدا
إن البكاء معول الأحزان
لا تنسى ذنبك في النهار وطوله
إن الذنوب تحيط بالإنسان ثم يبكي بكاء شديدا ويردد ذلك
[ 79 ] حدثنا عبد الله قال كتب إلى إسحاق بن موسى الأنصاري يذكر أن عباد بن كليب حدثهم قال كنت بعبادان فرأيت شابا من قريش عليه جبة صوف وحوله رجال فقلت في نفسي هذا الشاب يلبس الصوف ثم قلت ما أراني إلا قد اغتبته فدنوت منه فسمعته يقول إن لله عبادا يستريحون إلى الغموم فقلت يرحمك الله تلبس الصوف فقال أما أنا عبد فإذا عتقت لبست فذكرت ذلك لشريك فقال ما أكره لبس الصوف لمثل هذا ما خرج هذا الكلام إلا من كنز
لبس ما يلبس العبيد ليحزن
[ 80 ] حدثنا عبد الله حدثني عبد الرحمن بن صالح عن منصور بن أبي ثويرة عن فضيل بن عياض قال لبس سليمان جبة صوف فقيل له لو لبست ألين من هذا قال إنما أنا عبد ألبس ما يلبس العبيد فإذا مت لبست جبة لا تبلى حواشيها
[ 81 ] حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن إبراهيم عن إسماعيل بن إبراهيم عن ليث عن الحكم قال إن الرجل إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده من العمل ما يغفرها عنه ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه
حزن الحزن
[ 82 ] حدثنا عبد الله قال كتب إلي أبو موسى الأنصاري قال قلت لأبي خالد الأحمر الرجل يكون له حظ من صلاة الليل وتلاوة القرآن والرقة عند تلاوته فيفقد ذلك فيحزن عليه قال ذلك حزن الحزن
هل حزنت لضياع العمر
[ 83 ] حدثنا عبد الله حدثني عبد الله بن عيسى الطفاوي عن عبيد الله بن شميط بن عجلان قال سمعت أبي يقول كل يوم ينقص من عمرك وأنت لا تحزن وكل يوم وأنت تستوفي في رزقك وأنت لا تحزن
[ 84 ] حدثنا عبد الله حدثني الحسين بن عبد الرحمن حدثني مروان بن أبي بكر قال سمعت رجلا يقول خذل قوم فهم مسرورون مغتبطون وعصم آخرون فهم مغمومون محزونون
لا راحة للمؤمن دون لقاء الله
[ 85 ] حدثنا عبد الله حدثني الحسين بن محمد ثنا حجاج عن سعيد بن زربي عن الحسن أنه ذكر ذات يوم فقال قول أهل الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن فقال الحسن أحزان أهل الدنيا يقطعها الموت لكن أحزان لأخرة وحق للمؤمن أن يحزن وجهنم أمامه مسيرة ثلاثة آلاف سنة ألف سنة في هبوط وألف سنة على متنها وألف سنة في الصعود
من أحاديث البشارة للمؤمنين
[ 86 ] حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن إسماعيل عن هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي بكر بن أبي زهير قال قال أبو بكر الصديق يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية من يعمل سوءا يجز به فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألست تحزن ألست تنصب ألست يصيبك الأذى فذاك الذي تجزون به
ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا
[ 87 ] حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا الوليد بن مسلم ثنا إسماعيل بن رافع الأنصاري حدثني بن أبي مليكة عن عبد الرحمن بن السائب قال قدم علينا سعد بن مالك بعد ما كف بصره فأتيت منتسبا فانتسبت له فقال مرحبا يا بن أخي بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا
[ 87 ] حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا الوليد بن مسلم ثنا إسماعيل بن رافع الأنصاري حدثني بن أبي مليكة عن عبد الرحمن بن السائب قال قدم علينا سعد بن مالك بعد ما كف بصره فأتيت منتسبا فانتسبت له فقال مرحبا يا بن أخي بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا
شدة كمد يعقوب على يوسف عليهما السلام
[ 88 ] حدثنا عبد الله ثنا فضيل بن عبد الوهاب عن هشيم عن جويبر عن الضحاك وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قال كميد
[ 89 ] حدثنا عبد الله ثنا علي بن الجعد عن بعض أصحابه عن همام عن قتادة قال كظم على الحزن فلم يقل إلا خيرا
[ 90 ] حدثنا عبد الله ثنا فضيل عن هشيم عن جويبر عن الضحاك يا أسفى علي يوسف قال يا حزناه
وصف الأولياء الأتقياء
[ 91 ] حدثنا عبد الله حدثني أبو زكريا البلخي ثنا معتمر بن سليمان عن الفرات بن سليمان أن الحسن بن أبي الحسن كان يقول إن لله عبادا هم والجنة كمن رآها فهم فيها متكئون وهم والنار كمن رآها فهم فيها معذبون قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة وحاجاتهم خفيفة وأنفسهم عفيفة أما الليل فصافة أقدامهم مفترشو جباههم يناجون ربهم في فكاك رقابهم وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء براهم الخوف فهم أمثال القداح ينظر الناظر فيقول مرضى وما بهم من مرض ويقول قد خولطوا أو قد خالط القوم أمر عظيم
[ 92 ] حدثنا عبد الله ثنا سعيد بن سليمان عن مبارك بن فضالة قال سمعت الحسن يقول فضح الموت الدنيا فلم يدع لذي لب فيها فرحا
الحزين ينشغل عن الدنيا بالآخرة
[ 93 ] حدثنا عبد الله ثنا أبو عبد الله المديني عن شجاع بن الوليد عن يزيد بن توبة عن الحسن قال من عرف ربه أحبه ومن أبصر الدنيا زهد فيها والمؤمن لا يلهو حتى يغفل وإذا تفكر حزن
[ 94 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد بن الحسين ثنا خالد بن يزيد بن الطبيب قال سمعت محمد بن النضر الحارثي يقول شغل الموت قلوب المتقين عن الدنيا فوالله ما رجعوا منها إلى سرور بعد معرفتهم بغصصه وكربه
أين الراحة والفرح
[ 95 ] حدثنا عبد الله أنبأ إسحاق بن إبراهيم أنا علي بن بزيع الهلالي عن أبي حمزة الهجيمي قال قال عامر بن عبد قيس إلهي خلقتني ولم تؤامرني في خلقي وخلقت معي عدوا وجعلته يجري مني مجرى الدم وجعلته يراني ولا أراه ثم قلت لي استمسك إلهي كيف أستمسك بأن لم تمسكني إلهي في الدنيا الغموم والأحزان وفي الآخرة العقاب والحساب فأين الراحة والفرح
[ 96 ] حدثنا عبد الله حدثني سلمة بن شبيب ثنا سهل بن عاصم عن محمد بن أبي منصور قال سمعت أبا عبد الرحمن الزاهد يقول إلهي غيبت عني أجلي وأحصيت علي عملي ولا أدري إلى أي الدارين تبعثني فقد أوقفتني مواقف المحزونين أبدا ما أبقيتني
العباد الزهاد وحديث عن الحزن
[ 97 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد بن الحسين حدثني حكيم بن جعفر عن مسمع بن عاصم قال سألت عابدا من أهل البحرين قلت ما بال الحزين يجيبه قلبه إذا شاء وتهطل عيناه عند كل حركة قال أخبرك عن ذلك رحمك الله إن الحزين يدابه الحزن فجال في بدنه فأعطى كل عضو بقسطه ثم إلى القلب والرأس فسكنهم فمتى جرى القلب بشيء تجري فهاجت الحرقة صاعدة فاستثارت الدموع من شؤون الرأس حتى تسلمها إلى العين فتذريها فتنير الجفون ثم خنقته عبرته فقام
[ 98 ] حدثنا عبد الله حدثني محمد حدثني حكيم بن جعفر قال قال لي أبو عبد الله البراثي لا تند العين حتى يحترق القلب فإذا احترق القلب تلهب شعلة فهاج إلى الرأس دخانه فاستنزل الدموع من الشئون إلى العين فسحته
[ 99 ] حدثنا عبد الله قال أخبرني محمد عن مالك بن ضيغم عن أبيه قال كان يقال إن كثرة الدموع وقلتها على قدر احتراق القلب فإذا احترق القلب كله لم يشأ الحزين أن يبكي إلا بكى والقليل من التذكرة تحزنه
[ 100 ] حدثنا عبد الله قال وأخبرني محمد عن راهويه قال قلت لسفيان بن عيينة الا ترى إلى أبي علي يعني فضيلا لا تكاد تجف له دمعة فقال سفيان إذا فرح القلب نزفت العينان ثم تنفس سفيان تنفسا منكرا
احبتى هذا ليس كل الكتاب لكن اكتفى بهذا القدر وان شاء الله سوف اكمل لكم الباقى بإذن الله لكم دعواتى بالاستفادة والإفادة وان شاء الله يجعلكم من السعداء دنيا واخرة وإياكم