فارس بلا جواد
المراقب العام
عدد الرسائل : 533 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 01/09/2007
| موضوع: العلمانية الصليبيـــــــــــــة الثلاثاء ديسمبر 25, 2007 4:59 am | |
| | العلمانية الصليبية
|
د. محمد عمــــــــــــارة |
منذ الثورة الفرنسية ـ أواخر القرن الثامن عشرـ طاردت العلمانية المسيحية، حتى أصابتها بالإعياء والعجز والتهميش .. لكن هذه العلمانية الأوروبية لم تمنع فرنسا الاستعمارية ـ ومعها الإمبريالية الغربية ـ من استخدام الروح الصليبية في الصراع لاحتلال عالم الإسلام، وتطويع الشخصية الإسلامية للتبعية للغرب، بكسر شوكة الإسلام المجاهد ضد الاحتلال والنهب والاستغلال .. ففرنسا العلمانية، التي احتلت الجزائر المسلمة سنة 1830 م ، ذهب ملكها "شارل العاشر" "1757-1836م" إلى الكنيسة ليشكر الله على احتلال الجزائر !.. ولقد استقبله المطران، ليهنئه على هذه النصرة !.. ويحكي رفاعة الطهطاوي "1216-1290 هـ 1801-1873" الذي كان شاهد عيان يومئد بباريس يحكي قول المطران لمليكه :"إنه يحمد الله على كون الملة المسيحية انتصرت نصرة عظيمة على الملة الإسلامية وما زالت كذلك "!!.. فالروح الصليبية حاضرة وحاقدة في مواجهة الإسلام وأمته وعالمه، وهي توحد "الدولة" و"الكنيسة" حتى في ظل العلمانية، كما كان الحال في العصور الأوروبية الوسطى، عندما تكون المواجهة مع الإسلام !.. وبعد قرن من الزمان على احتلال فرنسا للجزائر ـ احتفلت فرنسا العلمانية ـ ومعها كنيستها بمرور قرن على احتلالها لهذا البلد المسلم ..ويومئذ ـ سنة 1930 ـ لم تنس فرنسا الروح الصليبية المعادية للجزائر المسلمة، والحاقدة على إسلام الجزائريين ..فخطب أحد كبار الساسة الفرنسيين في تلك الاحتفالات فقال : "إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن من وجودهم، وأن نقتلع العربية من ألسنتهم"! وخطب سياسي أخر فقال : " لا تظنوا أن هذه المهرجانات من أجل بلوغنا مائة سنة في هذا الوطن، فلقد قام الرومان قبلنا فيه ثلاثة قرون، ومع ذلك خرجوا منه ألا فلتعلموا أن مغزى هذه المهرجانات هو تشييع جنازة الإسلام بهذه الديار "!
أما الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية، فلقد خطب أحد كرادلتها ـ في هذه المهرجانات ـ فقال : "إن عهد الهلال في الجزائر قد غبر، وإن عهد الصليب قد بدأ، وإنه سيستمر إلى الأبد ..وإن علينا أن نجعل أرض الجزائر مهدا لدولة مسيحية مضاءة أرجاؤها بنور مدنية منبع وحيها الإنجيل "!.. وفي الجزائر المسلمة، حولت الإدارة الاستعمارية "العلمانية" المساجد إلى كاتدرائيات !! ..وأسبغت الحماية على بعثات التنصير ..وطاردت لغة القرآن ..وشريعة الإسلام !..
هكذا تتحول "العلمانية " في مواجهة الإسلام إلى صليبية !..أدرك خطرها الجزائريون الذين قالوا : "إن موقف البورجوازية الفرنسية هذا هو مدعاة للعجب، فإن هذه البورجوازية نفذت حكم الإعدام في القسس، وأحرقت الكنائس، وحاولت محو الدين المسيحي في فرنسا المسيحية ..أما في الجزائر فقد اتخذت مسلكا مخالفا، فحولت المساجد إلى كنائس، ومجدت المسيحية، واستخدمت أموال المسلمين لتنصيرهم !..وهكذا أحيت الروح الصليبية عندما رفعت علم المسيحية ضد الإسلام، في الوقت الذي ظلت تسخر فيه من المسيحية والإسلام في أن واحد ..!
فالعلمانية الأوروبية تطارد المسيحية في بلادها ...وتحل "الدين الطبيعي" ـ دين الحداثة ـ محل "الدين الإلهي" .. وتجعل "العقل .. والعلم .. والفلسفة" ثالوثا علمانيا أحلته محل أقانيم المسيحية ..لكن هذه العلمانية ـ في مواجهة الإسلام ـ تستدعي المسيحية والروح الصليبية .. وكل الوسائل لكسر شوكة الإسلام المجاهد ضد الاستعمار !.
|
|
| |
|